حذّرت شرطة دبي من انتشار «هجين» جديد من الاحتيال الإلكتروني، يجمع بين أسلوبين شائعين هما: «الاحتيال الاستثماري»، و«الاحتيال الرومانسي»، موضحة أن هؤلاء المحتالين الإلكترونيين يسعون إلى «إبهار» ضحاياهم بنمط معيشة مترف، ثم يغرقونهم بالهدايا، حتى تستجديه الضحية لاستثمار أموالها معه، وتكتشف لاحقاً أنها وقعت في فخ مدمر نفسياً ومادياً.
وقال مدير إدارة مكافحة الجرائم الإلكترونية بالإدارة العامة للتحريات والمباحث الجنائية في شرطة دبي العميد سعيد الهاجري، لـ«الإمارات اليوم»، إن هذا النمط الجديد يستهدف بشكل أساسي ضحايا يعانون وحدة وعزلة وفراغاً عاطفياً، حيث يدرس المحتال ضحيته جيداً عبر ما يعرف بالهندسة الاجتماعية ثم يستدرجها بطريقة رومانسية، وينتقل بعد فترة من الوقت إلى مرحلة تعرف بـ«سلخ الجلد» تتمثل في إغرائها بالاستثمار معه واستنزافها مادياً.
وأضاف أن هؤلاء المحتالين يتسمون بالفخامة البالغة، فيبهرون ضحاياهم بنمط معيشة مترف، ويغرقونهم بالهدايا، حتى تستجديه الضحية لاستثمار أموالها معه، وتكتشف لاحقاً أنها وقعت في فخ مدمر نفسياً ومادياً.
وأفاد العميد سعيد الهاجري بأن هناك أنماطاً معروفة في السنوات الأخيرة للاحتيال الإلكتروني، أبرزها «الاحتيال الاستثماري» وله مظاهر عدة، منها طرح خطط استثمارية عبر منصات التواصل الاجتماعي والبريد وإغراء المستهدفين بأرباح كبيرة، لافتاً إلى أن هؤلاء المحتالين يتمتعون بقدرات عالية في الإقناع، كما أن لديهم بنية تحتية رقمية قوية، سواء في شكل منصات أو تطبيقات لحبك خدعهم.
وتابع أن من أبرز الأنواع وأكثرها تدميراً خصوصاً من الجانب النفسي هو الاحتيال الرومانسي ويطلق عليه «سلخ الفرائس» ويعتمد على استنزاف الضحية مادياً وعاطفياً حتى يتركها المجرم في حالة سيئة للغاية.
وأشار إلى أن وسائل التواصل الاجتماعي ومواقع التعارف سهّلت لهؤلاء المحتالين استخدام ما يعرف بـ«الهندسة الاجتماعية» للضحية، فغالبية روّاد هذه المنصات يعرضون كل تفاصيل حياتهم الشخصية عبر حساباتهم، فيدرس المحتال الضحية جيداً، ويحدد نقاط ضعفها ومن ثم يتلاعب بها بالتركيز على اهتماماتها، ثم يتلاعب بها عاطفياً، ويستولي على أموالها بعد أن يوهمها بأنه وقع في مشكلة، فتبادر إلى مساعدته تعبيراً عن الحب، وتصدم لاحقاً حين يهجرها وينتقل إلى غيرها.
وكشف الهاجري أن الطور الجديد من الاحتيال الإلكتروني هو هجين من الاحتيالين الاستثماري والرومانسي، والذي يعتبر تحديثاً للنوعين السابقين، ويتم تنفيذه على مراحل، الأولى تحديد الضحية من خلال مراقبة أنشطتها عبر منصات التواصل الاجتماعي، خصوصاً تطبيقات التعارف، ويختارها وفق أسس معينة، أبرزها حالتها الاجتماعية، لافتاً إلى أن الهدف الأفضل يكون من النساء أو كبار السن الذين يعانون الوحدة والفراغ العاطفي.
ولفت إلى أن المرحلة الثانية هي التعارف، فيلقي شباكه بطريقة احترافية لا تثير الشكوك، معتمداً على بروفايل أو حساب جرى إعداده بشكل محكم لإضفاء الصدقية على شخصيته، ثم مرحلة التمكن وهي تورط الضحية في علاقة عاطفية مع المجرم.
وقال الهاجري، إن المرحلة التالية هي «الإبهار» إذ يظهر المحتال بصورة بالغة الفخامة، مثل اقتناء سيارات فارهة، ويركّز غالباً على الرياضية التي تخلب الأنظار والألباب، وينفق ببذخ، مرسخاً قناعة لدى الضحية أنه لا يحتاج إلى مالها بأي حال من الأحوال، بل يحرص على إغراقها بالهدايا ويصطحبها إلى أماكن ليست معتادة على زيارتها مثل المطاعم والأندية الفخمة، حتى يصل بها الأمر إلى سؤاله عن مصدر هذا الثراء الرهيب، ومن هنا ينتقل المجرم إلى مرحلة الاحتيال بالاستثمار، فيشرح لضحيته أنه أثري عن طريق الاستثمار في تطبيق بعينه.
وأضاف أن المنصة أو التطبيق الذي يوهم المحتال ضحيته بأنه سبب ثرائه، يكون تابعاً للعصابة، وتم تصميمه وتطويره بطريقة خادعة، ويعتمد غالباً على أعمال مثل القمار أو الوظائف الوهمية، أو الترويج لاستثمارات مضللة، لتبدأ بعد ذلك مرحلة سلخ الفريسة، إذ يدفع الشخص المستهدف أمواله طواعية للحبيب المحتال حتى ينال نصيباً من ثرائه ويستطيع مجاراته في الحياة المترفة التي يعيشها.
يُذكر أن شرطة دبي سجلت قضايا استخدم فيها هذا النمط، من بينها جرائم ارتكبها محتال من جنسية عربية اعتاد اصطياد النساء عاطفياً، وحصل من ورائهن على ملايين الدراهم، بعد إغرائهن بحياة فارهة تسلب العقول، فيصطحب ضحاياه إلى حفلات كبرى بسيارات فارهة، ويشتري مركبات بأسمائهن بعقود مبالغ فيها، ويحصل على فرق السعر لنفسه، واستدرج معلمة بإحدى المدارس بهذا الأسلوب، وأقنع أخرى ببيع مركبتها الفارهة مقابل 240 ألف درهم دون أن تحضر الصفقة أو تحصل على المقابل، ونساء أخريات وقعت في شباكه بالأسلوب ذاته.
وأوضح الهاجري أن هذا النوع من الجرائم بأشكاله المختلفة درج على تسميته عالمياً بـ«سلخ الخنازير» ورصد للمرة الأولى في دولة آسيوية كبيرة، وانتشر كعدوى عالمية لاحقاً، وقد يستمر لشهور وسنوات طالما لاتزال الضحية قادرة على المنح، إذا لا يتركها المحتال إلا بعد استنزافها كلياً.
وأشار إلى ضرورة الوعي بمخاطر هذه الجريمة، لأن آثارها النفسية بالغة، ومن ثم لا يجب الثقة بالعلاقات التي تُبنى عبر منصات التواصل، إذ لا يمكن التعرف جيداً إلى الطرف الآخر، لافتاً إلى أن محترف الاحتيال العاطفي يتمتع بقدرة كبيرة على الإقناع، ويمكن أن يكون رجلاً يستهدف النساء ويستنزفهن مادياً أو امرأة تستهدف الرجال، وأحياناً يكون رجلاً منتحلاً لصفة امرأة.
وأكد أن شرطة دبي والأجهزة المختصة بالدولة، تتعامل بجدية واهتمام مع هذه البلاغات، وتوفّر الحماية والرعاية للضحايا، وتتلقّى الشكاوى عبر منصات تحافظ على خصوصية المبلغ، مناشداً الضحايا عدم الشعور بالخجل، لأن الإبلاغ في حد ذاته سلوك إيجابي يحول دون وقوع ضحايا آخرين في الفخ ذاته.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news