تعتمد جهات معنية بالتأهيل النفسي، استخدام الحيوانات الأليفة لعلاج حالات مرضية نفسية، أو المساعدة في علاجها، خصوصاً حالات العزلة والاكتئاب.
ويذهب مختصون إلى أن «العلاج بالحيوانات الأليفة يسهم في تخفيف آلام الأمراض بشكل عام، إذ يدعم تخفيف الآلام بنسبة 60%، ما يجعلها العلاج المساعد الأكثر أماناً».
وأكدوا لـ«الإمارات اليوم» فعالية استخدام الحيوانات الأليفة كعلاج مساعد «بشرط أن تكون محصنة، والعناية بها بشكل كبير»، لافتين إلى أن «أبرز النتائج لهذا النوع من العلاج هو تعزيز التواصل المجتمعي لدى المرضى الذين يعانون العزلة».
وذكرت مديرة التوعية المجتمعية في مركز دبي للتوحد، إيمان أبوشباب، أن «التعامل مع الحيوانات الأليفة لا يمكن اعتباره علاجاً مستقلاً بحد ذاته، إذ يُعد إحدى الوسائل التكميلية المساندة التي قد توفر بعض الفائدة عند استخدامها بالتوازي مع العلاجات القائمة على الأدلة».
ولفتت إلى أن «طلبة المركز كانت لهم تجارب سابقة في مجال السباحة مع الدلافين وركوب الخيل، ولكنها لم تستمر، نظراً لعدم توافر الرعاة المستضيفين لمثل هذه الأنشطة المكلفة مالياً، مقارنة بالوسائل العلاجية المساندة الأخرى».
وذكرت أبوشباب أن «المركز ينظم حالياً بالتعاون مع إدارة التفتيش الأمني في شرطة دبي، رحلات لمجموعة من طلبة المركز إلى وحدة الكلاب البوليسية المدربة على تنفيذ الأوامر ومساعدة الأطفال، وذلك لدراسة جدوى تفاعل الطلبة مع الكلاب البوليسية في تنمية مهارات التواصل والتفاعل الاجتماعي».
وأضافت: «لوحظ خلال فترة ممارسة هذا النشاط أن الأطفال الذين يلعبون ويتفاعلون مع الكلاب البوليسية يظهرون انخفاضاً ملحوظاً في مشاعر القلق والتوتر، بالإضافة إلى تحسّن مزاجهم وتعزيز سلوكياتهم الإيجابية».
من جانبه، قال أستاذ الطب النفسي في كلية الطب، جامعة رأس الخيمة، الدكتور طلعت مطر، إن العلاج النفسي بالحيوانات الأليفة ينجح في حالات التوحّد (الأوتيزم)، إذ ينتج عن جلب حيوانات أليفة إلى حالات مصابة بالتوحد ظهور علامات التحسن عليها، عازياً ذلك إلى أن «المصاب بالتوحد ليس لديه القدرة على النظر إلى خارج الذات، أو تكوين أي علاقات اجتماعية، وتالياً فهو غير متفاعل مجتمعياً»، مشيراً أن «استخدام الحيوانات الأليفة هو علاج مساعد، وليس علاجاً أساسياً».
وأوضح أن «الشخص الطبيعي لديه جزء من المخ مسؤول عن إدراك العالم المحيط، فيما يفتقر المصاب بالتوحد لهذا الجزء، أو هو ضعيف للغاية، ومن ثم فإن استخدام الحيوانات الأليفة مع المصابين ينمي لديهم القدرة على التفاعل مع الآخر».
وأضاف أن «استخدام الحيوانات الأليفة لعلاج أمراض نفسية مثل الاكتئاب، متوافر في أماكن مختلفة، خصوصاً في أوروبا، حيث لا تتوافر الروابط الاجتماعية بين الأفراد بشكل قوي».
وأكد مطر أن «أبرز التحديات التي تواجه العلاج باستخدام الحيوانات الأليفة، هو نوع المرض، لأن بعض الأمراض لا يجدي معها هذا النوع من العلاج»، مشيراً إلى أن «العناية بالحيوانات الأليفة، التي تعيش في المنازل وتستخدم للعلاج، بعد تطعيمها ونظافتها، تمنع مخاطر نقلها للأمراض».
وحدّد أكثر من سبع فوائد لاستخدام الحيوانات الأليفة في علاج الأمراض، أبرزها أنه يقلل الإحساس بالملل، ويساعد الشخص على الحركة، ويحفز الذات الوالدية عند الشخص (الإحساس بالأبوة أو الأمومة)، ويزيد التفاعل الاجتماعي عند الشخص، ويحسن مزاجه، ويقلل الإحساس بالألم بوجه عام، لأن 60% من الألم الجسدي نفسي، ولذلك فالحيوان الأليف يقلل الإحساس بهذا الألم، ويجعل للحياة معنى عند كثير من الأشخاص، خصوصاً كبار السن الذين يعيشون بمفردهم.
من جهة أخرى، طبقت مؤسسة دبي لرعاية النساء والأطفال برنامجاً للعلاج النفسي بمساعدة الحيوانات الأليفة، بحيث يكون علاجاً مكملاً أو بديلاً عن الجلسات النفسية التقليدية، حيث تستخدم بعض الحيوانات الأليفة المدربة لتحسين الأداء الاجتماعي والنفسي للأطفال والبالغين، خصوصاً بعد تعرضهم لصدمات قوية أو خبرات سلبية، مثل المرض أو الفقد أو العنف والإساءة.
وحدّدت مدير عام المؤسسة بالإنابة، شيخة سعيد المنصوري، سبعة أهداف لإدخال الحيوانات الأليفة المدربة ضمن الإطار العلاجي للخدمات النفسية التي تقدمها المؤسسة، وهي أولاً تطوير طرق جديدة ومبتكرة لدعم الأطفال والبالغين من ضحايا العنف والاستغلال، وثانياً تحسين القدرات التكيفية والتفاعلية للضحايا، وثالثاً تحسين قدرة الضحايا على أداء وظائفهم الاجتماعية، ورابعاً تحسين قدرة الضحايا على إقامة علاقات صحية وإيجابية مع الآخرين، وخامساً تخفيف حدة الألم الناتج عن الخبرات المؤلمة المعاشة أو الناتجة عن تعرض الضحايا لأي إصابات، وسادساً تحسين الحالة المزاجية للضحايا ورفع معدلات السعادة لديهم، وسابعاً تخفيف الضغط النفسي المتولد عن الصدمة والعنف. وأفادت بأن مدة البرنامج ستة أشهر، واستفاد منه 30 متعاملاً بواقع 131 جلسة عقدت في أماكن متنوّعة كوحدة الكلاب البوليسية، وفي مقر مؤسسة دبي لرعاية النساء.
وحول نسبة شفاء الحالات التي دخلت المرحلة الأولى من البرنامج، ذكرت المنصوري أن المشاركين أظهروا درجات تحسن متفاوتة في الجوانب النفسية والسلوكية والاجتماعية، وقد تم إثبات ذلك من خلال الملاحظة السلوكية للمتعاملين إلى جانب تقارير الأخصائيين النفسيين والاجتماعيين والتقرير الشخصي للمتعاملين، فاتضح على سبيل المثال أن هناك تطوراً كبيراً في مجال تحسن المزاج والانضباط الانفعالي والرغبة في التعاون والمشاركة والاهتمام بالنفس والآخرين.
وشرحت المنصوري أن «العلاج النفسي بمساعدة الحيوانات الأليفة، يُعد علاجاً بديلاً عن الجلسات النفسية التقليدية، أو أحياناً يكون علاجاً مكملاً لتلك الجلسات. ويعرف عادة بأنه علاج نفسي يشمل إدخال أو تضمين الحيوانات في الإطار العلاجي، حيث يتم استخدام بعض الحيوانات الأليفة المدربة، مثل الخيول والكلاب والأرانب والأسماك والطيور، لتحسين الأداء الاجتماعي والنفسي والتكيفي للأطفال والبالغين، خصوصاً بعد تعرضهم لصدمات قوية أو خبرات سلبية مثل المرض أو الفقد أو العنف والإساءة والاستغلال».
وتستخدم الحيوانات في كثير من الأماكن حول العالم، مثل دور رعاية كبار السن والسجون ومؤسسات الصحة العقلية ومراكز أصحاب الهمم والمستشفيات، وتحديداً تلك المتخصصة في الأمراض الخطرة، مثل مرض السرطان.
وأفادت بأن المبادرة لا تستهدف الأمراض أو الاضطرابات النفسية، وإنما النساء والأطفال من ضحايا العنف والإساءة والاستغلال، الذين عادة ما يعانون أعراض الاكتئاب والقلق واضطراب ما بعد الصدمة، وغيرها، وإن بدرجات متفاوتة. العلاج بالحيوانات الأليفة يسهم في تخفيف آلام الأمراض.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news