أعرب ذوو طلبة مواطنون في أبوظبي، عن مخاوفهم مما سمّوه «اغتراب الهوية الوطنية في مدارس خاصة»، بعد ظهور نتائج تقييم علامة الهوية الوطنية التي أجرتها دائرة التعليم والمعرفة، وأعلنتها الأسبوع الماضي، مشيرين إلى ضرورة ربط تقييم الهوية الوطنية في المدارس بنتائج برنامج «ارتقاء» للتفتيش على المدارس الخاصة ومعايير زيادة الرسوم الدراسية، خصوصاً أن أنشطة تعزيز الهوية في مدارس خاصة لا تزيد على تحية العلم والاحتفال باليوم الوطني.
وكانت نتائج المرحلة الأولى من تقييم علامة الهوية الوطنية، أظهرت حصول 58 مدرسة (66.6% من المدارس التي تم تقييمها) من أصل 87 مدرسة تم تقييمها في المرحلة الأولى، على تقييم «ضعيف» أو «مقبول»، شملت مدارس حاصلة على تقييم «متميز» و«جيد جداً» في برنامج «ارتقاء»، المعني بقياس جودة التعليم في المدارس الخاصة في الإمارة، وذات رسوم مرتفعة ومرتفعة جداً، من ضمنها المدرسة الأعلى رسوماً في الإمارة (تبلغ نحو 100 ألف درهم)، حيث حصلت على تقييم «ضعيف» في علامة الهوية الوطنية.
وبينت النتائج أن قائمة المدارس الحاصلة على تقييم «ضعيف» في علامة الهوية الوطنية، تضم ثلاث مدارس حققت تقدير «متميز» في برنامج ارتقاء للتفتيش على المدارس، ومدرستين حاصلتين على تقييم «جيد جداً» و10 مدارس حاصلة على تقييم «جيد».
كما تضم قائمة المدارس الحاصلة على تقييم «مقبول» في علامة الهوية الوطنية ست مدارس حاصلة على تقييم «متميز» في «ارتقاء»، وأربع مدارس حاصلة على «جيد جداً»، و22 مدرسة حاصلة على تقييم «جيد».
وأكد ذوو طلبة راشد علي ويونس البلوشي وحمد عبدالله، أهمية إلزام المدارس الخاصة توفير برامج وأنشطة تعزز من الهوية الوطنية، وتحديد آلية لحساب المدارس التي تحقق نتيجة أقل من «جيد» في تقييم علامة الهوية الوطنية الذي تنفذه الدائرة، ومنها وقف زيادة الرسوم الدراسية للمدارس التي تحقق تقدير «ضعيف». وفي حال تكرار النتيجة في التقييم الذي يليه يتم تعليق التسجيل فيها، مشيرين أنهم تلقوا رسائل من مدارس أبنائهم تفيد بزيادة الرسوم الدراسية للعام الأكاديمي المقبل، على الرغم من أنها حاصلة على تقدير «ضعيف» في تقييم علامة الهوية الوطنية.
وشددوا على ضرورة قيام المدارس الخاصة بدورها المنشود في مجال تعزيز الهوية الوطنية، ما يتطلب منها تعزيز المناهج الدراسية بموضوعات تعزز قيم الهوية الوطنية في عقول الطلبة، من بداية التحاقهم بالمدرسة، حيث يفتقر كثير منها إلى ما يعززها، رغم أنها شريك أساسي في العملية التعليمية، وتضطلع بمهمة تعليم آلاف المواطنين والمواطنات، محذرين من أن الاهتمام باللغة الإنجليزية وتركيز الأنشطة الصفية واللاصفية على الثقافات الأجنبية على حساب الموروث الثقافي الإماراتي، ستكون له نتائج سلبية مستقبلاً، حيث من الممكن أن يؤدي إلى اغتراب الهوية الوطنية لدى خريجي هذه المدارس.
واقترح ذوو طلبة، سعود مبارك ونجلا حسن، ومريم خلف، تزويد المدارس الخاصة بمجموعة من الخطط والبرامج لتعزيز الهوية الوطنية لدى الطلبة، تتضمن القيم الرئيسة، وقيماً فرعية مشتقة منها، يجب أن تضمنها المدارس الخاصة ورياض الأطفال في خطط الأنشطة والدروس، إضافة إلى تزويدها بخطط لتطوير طرق تدريس المواد الإلزامية الثلاث (التربية الإسلامية، واللغة العربية، والدراسات الاجتماعية)، وعدم الاعتماد في آلية تعزيز الهوية، على رؤية المدرسة وحدها، لضمان بناء شخصية وطنية قادرة على الحفاظ على موروث الآباء والأجداد، مشيرين إلى أن أنشطة تعزيز الهوية الوطنية في المدارس الخاصة لا تتعدى تحية العلم في الصباح، والاحتفال باليوم الوطني.
وطالبوا بعمل زيارات دورية للمدارس الخاصة لمراقبة ومتابعة أداء المدارس في تنفيذ أنشطة تعزيز الهوية الوطنية، وتوجيه المعلمين للممارسات التعليمية المناسبة، إضافة إلى تشجيعهم على تطبيق الأنشطة اللاصفية التي تتعلق بالهوية الإماراتية، مثل زيارات المتاحف والأماكن الأثرية ومعالم الدولة.
وأكد معلمون لمواد اللغة العربية والدراسات الاجتماعية والتربية الإسلامية، أنور عثمان وناصر مبارك ومريم مسعد ونادية خليل، أنهم استعدوا للعام الدراسي الجديد بمجموعة من الخطط والبرامج لتعزيز الهوية الوطنية، سيتم تطبيقها عبر الأنشطة والفعاليات الرسمية والتعليمية، مشيرين إلى أن خططهم تعتمد على الالتزام بالمبادئ الأخلاقية والمنطلقات الرئيسة للموروث الاجتماعي والثقافي، وتعزيز اللغة العربية والهوية الوطنية للمجتمع الإماراتي في مصادر التعلم والأنشطة الصفية واللاصفية ذات العلاقة، والحرص على عدم وجود ما يتنافى مع التعاليم الدينية وقيم المجتمع في المصادر المختارة أو المعدة من قبل المدرسة، مع مراعاة مناسبة الصور والرسوم التوضيحية للقيم والعادات والتقاليد الإماراتية.
من جانبها، أكدت دائرة التعليم والمعرفة، أن علامة الهوية الوطنية تعد نظام التقييم السنوي الأول من نوعه في دولة الإمارات، وهو يتيح لأولياء الأمور صورة واضحة وشاملة حول جودة برامج الهوية الوطنية المعتمدة في المدارس الخاصة ومدى حضورها في أنشطة وثقافة المجتمع المدرسي، مشيرة إلى أن تقييمات علامة الهوية الوطنية استندت بالدرجة الأولى إلى تفاعل المعلمين والطلبة والموظفين لقياس التأثير الملموس في مختلف جوانب العملية التعليمية، ومدى انسجام ذلك مع تعريف المدرسة للهوية الوطنية، إضافة إلى مراقبة الصفوف الدراسية ومراجعة الوثائق الرئيسة.
وأوضحت الدائرة أن تقييم المدارس وفق إطار علامة الهوية الوطنية يجري بشكل منفصل عن تقييم برنامج ارتقاء، الذي يُعنى بقياس جودة التعليم في المدارس الخاصة في الإمارة، ويقدم توصيات لتحسين الأداء الأكاديمي، مشيرة إلى أن التقييم يغطي ثلاثة محاور رئيسة، تشمل محور الموروث الثقافي، ويتضمن اللغة العربية والتاريخ والتراث، ومحور القيم، ويشمل الاحترام والتعاطف والتفاهم العالمي، إضافة إلى محور المواطنة، الذي يركز على عناصر الانتماء والتطوع والحفاظ على البيئة.
جدير بالذكر أن دائرة التعليم والمعرفة أتاحت للمدارس الخاصة زيادة رسومها الدراسية للعام الأكاديمي المقبل 2023-2024، بناء على نتائجها في برنامج ارتقاء للتفتيش على المدارس الخاصة، بحيث تكون النسبة المئوية للحد الأقصى للزيادة المطبقة على الرسوم الدراسية للمدارس الحاصلة على تقييم متميز 3.94%، والمدارس الحاصلة على تقييم جيد جداً 3.38، والمدارس الحاصلة على تقييم جيد 2.81%، والمدارس الحاصلة على تقييم مقبول أو ضعيف أو ضعيف جداً 2.25%.
علامة الهوية الوطنية
أكدت دائرة التعليم والمعرفة أن مبادرة «علامة الهوية الوطنية» تهدف إلى تعزيز مشاعر الانتماء الوطني، لترسيخ فهم الطلبة لثقافتهم، كما تتيح للآباء فهماً معمّقاً لكفاءة برامج الهوية الوطنية، ضمن مدارس أبنائهم، حيث يعد ترسيخ الهوية الوطنية في نفوس الطلبة أولوية للعديد من الآباء، لأنها مصدر فخر الطلبة بوطنهم وبانتمائهم إليه.
وأوضحت أن تفعيل دور عناصر الهوية الوطنية ضمن البرامج التعليمية، سيدعم المدارس في مساعدة طلبتها على التمسّك بجذورهم وعاداتهم وقيمهم، وسيدعم علامة الهوية الوطنية الشفافية والمسؤولية في المجتمع المدرسي، ويمكّن في الوقت ذاته أولياء الأمور من اتخاذ قرارات مدروسة حول تعليم أطفالهم، ما يسهم بشكل مباشر في بناء مواطنين فاعلين متمسكين بجذورهم الوطنية، وقادرين على تمثيل دولة الإمارات على المستوى العالمي.
ضعف اللغة العربية
أظهرت نتائج تقييم المدارس الخاصة في إمارة أبوظبي، أن اللغة العربية نقطة ضعف مشتركة بين كثير من المدارس، وتحتاج إلى تحسين طرق التدريس، ورفع مستوى تحصيل الطلبة فيها، عبر تطوير مهارات الكتابة الإبداعية، وزيادة الفرص المتاحة للتحدث بها، ورفع جودة الأسئلة المطروحة على الطلبة، والتفاعل معهم، من أجل تحسين مهارات القراءة والكتابة ومهارات التفكير العليا لديهم.
وشملت جوانب الضعف المشتركة في عدد من تقارير تقييم المدارس، ضرورة تحسين فاعلية التدريس وإنجازات الطلبة في مواد المناهج العربية، لسد الفجوة بينها وبين مواد المناهج الإنجليزية، والتأكد من امتلاك المعلمين توقعات عالية تتعلق بالطلبة، من خلال طرح الأسئلة الدقيقة، وتوفير مزيد من المهام الكتابية المثيرة للتحدي في الحصص الدراسية، وتوفير مزيد من الفرص للطلبة لممارسة مهارات المحادثة والاستماع خلال الأعمال الجماعية المنظمة بعناية، وتعزيز مهارات التفكير الناقد وحل المشكلات عند الطلبة، بالإضافة إلى توفير مزيد من الفرص الأفضل والمتكررة للطلبة لتطوير مهارات الاستقصاء والاستقلالية والتفكير الناقد.
• «التعليم والمعرفة»: «علامة الهوية الوطنية نظام تقييم سنوي يجري بشكل منفصل عن تقييم برنامج ارتقاء، المعني بقياس جودة التعليم».
• 87 مدرسة خاصة في أبوظبي شملها تقييم الهوية الوطنية.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news