أكد صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي أن قرار توحيد القوات المسلحة ارتقى في أهميته إلى مستوى قرار الآباء المؤسسين بإقامة الاتحاد، فلم تكن أركان الاتحاد لتكتمل من دون صدور هذا القرار وتنفيذه.. ولم يكن الاتحاد ليقوى ويشتد عوده ويتطور وتنعم دولته بالسيادة، وينعم شعبه بالأمن والاستقرار من دون قوات مسلحة تذود عن حياضه وتحميه من عاديات الزمان.
جاء ذلك في كلمة لسموه وجهها عبر مجلة “درع الوطن” في الذكرى السابعة والأربعين لتوحيد القوات المسلحة .. فيما يلي نصها ..
// بسم الله الرحمن الرحيم.
ضباط وجنود قواتنا المسلحة الباسلة
أبناء وبنات الإمارات الكرام
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
أحييكم في هذا اليوم الوطني الأغر، وأهنئكم بحلول الذكرى السابعة والأربعين لصدور قرار توحيد قوات الإمارات المسلحة، وأتذكر معكم بكل التقدير والعرفان صناع القرار، باعث نهضتنا ورمز دولتنا الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان ورفيق دربه الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، وإخوانهما أعضاء المجلس الأعلى الحكام طيب الله ثراهم جميعا، وأثابهم على أدوارهم في لم شملنا، وتوحيد صفوفنا، وإطلاق مسيرة النهوض بوطننا وشعبنا.
لقد ارتقى قرار توحيد قوات الإمارات المسلحة في أهميته إلى مستوى قرار الآباء المؤسسين بإقامة الاتحاد، فلم تكن أركان الاتحاد لتكتمل من دون صدور هذا القرار وتنفيذه.. ولم يكن الاتحاد ليقوى ويشتد عوده ويتطور وتنعم دولته بالسيادة، وينعم شعبه بالأمن والاستقرار من دون قوات مسلحة تذود عن حياضه وتحميه من عاديات الزمان.
سيظل قرار السادس من مايو 1976 محطة تأسيسية في تاريخنا أكدنا فيها نهائية الاتحاد، وبنينا فيه موئلا للهوية الإماراتية، ودرعاً قوية لوطننا وشعبنا.
و اليوم، بعد سبعة وأربعين عاماً تبرز الأهمية الاستثنائية لهذا القرار، فمعه انطلقت مسيرة بناء قواتنا المسلحة برؤية القيادة ودقة التخطيط وكفاءة التنفيذ وعزم الرجال.. وقد تكللت المسيرة بنجاح مشهود يتجسد فيما وصلت إليه قواتنا من قدرة وكفاءة وجاهزية وفاعلية.
و عبر مسيرتها الظافرة، عززت قواتنا المسلحة القاعدة الأثيرة لنموذجنا الإماراتي بأنه والتطور وجهان لعملة واحدة.. فمنذ تأسيسها وضعت هدفاً سامياً هو توطين كافة الرتب خلال فترة زمنية محددة، ونجحت بامتياز في تحقيق هذا الهدف، وقدمت نموذجاً يحتذى في تكوين الكوادر الوطنية وتأهيلها علمياً ومعرفياً وعملانياً.. وقد امتد هذا التكوين إلى أجيالنا الناشئة من خلال برنامج الخدمة الوطنية، بما هو مصنع للرجال، ومدرسة للانضباط وإدارة الوقت، وتنمية المهارات، وشحذ الهمم، وتعميق روح الانتماء الوطني.
إضافة لذلك، اعتمدت قواتنا المسلحة نهج مواكبة المتغيرات في كل ما يتعلق بشؤون الدفاع والأمن، ونجحت في التكيف مع سباقات التغيير، واستوعبتها، وسخرتها لتعزيز قدراتها، ففي مسار مواز لاقتحام دولتنا في وقت مبكر عصر ثورة المعلومات والاتصالات، اقتحمت قواتنا المسلحة هذا العصر منذ بواكيره، وأتقنت لغته، وتآلفت مع أدواته وتجلياته في مجالات التقنيات المتقدمة، والتكنولوجيا الرقمية والذكاء الاصطناعي، وأتقنت استخدام تطبيقاتها في فروع السلاح ونظم العمل كافة.
وقبل عقدين ونيف، تعزز مسار التطور بقرار بناء صناعات دفاعية متقدمة لتضيف إلى مصادر قوتنا الذاتية، وتلبي جانباً مهماً من تسليح قواتنا، وتسهم في تكوين شباب وشابات الامارات علميا ومعرفياً ومهارياً، وتدعم خطط توطين التكنولوجيا المتقدمة، وتشارك في توسيع اقتصادنا وزيادة تنوعه، وتفتح آفاقاً جديدة لعلاقاتنا وشراكاتنا الدولية.
وكما أثبتت التجربة الإنسانية ونماذج الدول المتقدمة، فإن الصناعات الدفاعية كانت دائماً وستظل إحدى أهم روافع نهوض الدول وتقدم المجتمعات.
وفي هذا السياق، باتت صناعاتنا الدفاعية واحدة من الروافع المهمة في مسيرة نهضة بلادنا وتقدمها، وفي تكوين مواردنا البشرية العلمية والإدارية والقيادية.
وقد بلغت صناعاتنا الدفاعية مرحلة النضج، وباتت رقماً معترفاً به عالمياً، وها هي تنافس في أسواق أسلحة البر والبحر والجو بمنتجات تعتمد أحدث التقنيات المتقدمة، وتضاهي بجودتها وفاعليتها أفضل مثيلاتها في العالم.
أيها الضباط والجنود
أيها المواطنون والمواطنات
إن المستوى الرفيع الذي وصلت إليه القدرات الدفاعية لدولتنا هو ثمرة نهجنا وتصميمنا على توفير المقومات والضمانات الكفيلة بتحقيق أعلى درجات الحماية والأمن والسلامة لوطننا وشعبنا ومكتسباتنا.
وإذ تعلي دولتنا من شأن السلام وتدعو وتعمل له في كافة المحافل والمناسبات، فإنها تدرك أن تجنب الحرب يكون بالتحسب لها، والاستعداد لاحتمالاتها، فهذا هو سبيل ردع الطامعين، وسبيل نشر مظلة الأمن المستدام والاستقرار الناجز في ربوع وطننا، بخاصة وأننا نعيش في إقليم زاخر بالمشاكل والصراعات، وفي عالم حافل بالمفاجآت المترتبة على تدافع دوله الكبرى ومنافساتها، وعلى مخاطر الأوبئة كما في انتشار فيروس كورونا، وعلى ما ينتجه الاحتباس الحراري من كوارث طبيعية.
أيها الضباط والجنود.
بولائكم وانتمائكم وشجاعتكم وإخلاصكم وعمق التزامكم بقسم الجندية، ارتقيتم بقواتنا المسلحة إلى أعلى مستويات الكفاءة والجاهزية والفاعلية، وفرضتم احترامها على القاصي والداني.
وقد أثبتم جدارتكم في تنفيذ كل ما تكلفون به من مهام، كما في قوات حفظ السلام الدولية، وفي عمليات إغاثة المنكوبين بكوارث الطبيعة.. أجدد امتناني وشكري لكل ضابط وجندي في صفوف قواتنا المسلحة وأجهزتنا الأمنية وأجهزة الحماية المدنية، وللأجيال التي سبقتكم في سلك الخدمة.
بكم أيها الرجال وأيتها النساء تزهو الأوطان، ويكتسب السلاح قيمة مضافة، وتظل راياتنا خفاقة، ووطننا آمناً، وشعبنا مطمئناً على حاضره ومستقبله.
و اليوم أتذكر معكم بفخر واعتزاز شهداءنا الأبرار، زملاءكم الذين بذلوا أرواحهم في سبيل وطننا ونصرة الحق والعدل.. وأجدد تقديري لأسر الشهداء الصابرة المحتسبة التي قدمت أروع نماذج الوطنية الصادقة والمواطنة الصالحة.
وفي هذه الذكرى العزيزة أحيي وأهنئ أخي صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة القائد الأعلى للقوات المسلحة “حفظه الله”، مقدرا دوره الرائد في قيادة مسيرة بناء قواتنا المسلحة وصناعاتنا الدفاعية.. والتهنئة موصولة لإخواني أصحاب السمو أعضاء المجلس الأعلى للاتحاد حكام الامارات، ولكل أبناء وبنات شعبنا الكريم.
و الحمدالله الذي أفاض علينا من نعمه التي لا تعد ولا تحصى، وكتب لنا التوفيق والنجاح في أعمالنا، ومكننا من النهوض ببلادنا وخدمة شعبنا، وأسأل وجهه الكريم أن يسدد خطانا على صراطه المستقيم، ويشد أزرنا، ويديم علينا الأمن والاستقرار والتقدم والازدهار.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.