قال خبيران في تكنولوجيا أنظمة النقل الذكية إن المركبات ذاتية القيادة، التي يجري تطويرها حالياً في عدد من دول العالم، بما فيها الإمارات، تمتاز بوجود أنظمة تقنية تسهم في تحقيق السلامة المرورية بنسبة أكبر من المركبات التقليدية، مؤكدين أنها «أكثر أماناً من المركبات التي يقودها الإنسان، لأنها لا تتأثر بأخطائه وتقلّب حالته المزاجية».
وقال خبير أنظمة التكنولوجيا الذكية البروفيسور في جامعة فلوريدا الدولية في الولايات المتحدة والمستشار في وزارة المواصلات الأميركية، الدكتور محمد هادي، لـ«الإمارات اليوم»، إن العمل على تطوير المركبات المعروفة باسم «المركبات الذكية» يمر بخمس مراحل، تتضمن كل منها مواصفات وتقنيات تجعلها تتدرج في الوصول إلى المرحلة الأخيرة التي تتكامل فيها وظائف كل الأنظمة المطلوبة لتحرك المركبة بسهولة وفق أعلى معايير الأمان.
وأكد تنفيذ إمارة دبي، ودولة الإمارات، عدداً من الاستراتيجيات التي تدعم تطبيق حلول ذكية في النقل، تنسجم وتدعم الجهود العالمية في مجال تطوير تكنولوجيا أنظمة النقل وتوظيف تقنيات الذكاء الاصطناعي في تطوير تلك الحلول.
وشرح هادي أن «المركبات التقليدية كانت تتطلب أن يقوم السائق بكل مهام القيادة من دون أن تعينه أي أدوات في مراقبة أداء المركبة أو الأوضاع في الطريق»، مضيفاً أنه «بعد المرحلتين الأولى والثانية من تطوير المركبات الذكية ارتقت إلى امتلاك تقنيات متطورة تمكنها من القيادة، لكن بمساعدة السائق ومراقبته للبيئة المحيطة بالمركبة».
وتابع أن «مركبات المرحلة الأولى تمتاز بوجود أنظمة مساعدة، مثل نظام ضبط السرعة الذي يساعد السائق على قيادتها بشكل أكثر ارتياحاً وأماناً»، مضيفاً أنها «تعمل على مساعدة السائق عبر القيادة الذاتية في حال كانت مزوّدة بنظام تحذير مغادرة المسار، أو مساعد للمكابح أو مثبّت للسرعة». وأضاف أن المرحلة الثانية هي مرحلة المركبات المستقلة ذاتية القيادة المؤتمتة جزئياً، التي تمتاز بقدرتها على استخدام المقود والتحكم بسرعة المركبة والقيام بكل المهام لكن تحت رقابة السائق الذي يمكنه التدخل في أي لحظة استشعر فيه مصدراً للخطر.
وأفاد بأن «المركبة في المرحلة الثالثة ستكون على قدر كبير من الاستقلالية التي تمكنها من القيام بمعظم مهام القيادة، لكنها ستبقى بحاجة الى مراقبة السائق»، مضيفاً أنها «مركبة ذات أتمتة مشروطة يتحكم نظامها الآلي بالجوانب الوظيفية للقيادة، مثل السرعة والضبط والتوجيه، من دون إخلاء مسؤولية السائق أو المُستخدِم، حيث يتوجب عليه أن يراقب البيئة المحيطة وظروف القيادة».
وتابع أن قدرات المركبة على القيادة تصل، في المرحلة الرابعة، إلى أعلى المستويات، لأنها ستكون من المركبات المستقلة ذات التصنيع عالي الأتمتة، لكن في ظروف معينة، وضمن سياج جغرافي يحدد المسارات التي يجب أن تتحرك فيها، حيث يصبح نظام القيادة الذاتية مسؤولاً عن كل عمليات المراقبة والتنفيذ والتراجع، لكن لا يمكن الوثوق به بنسبة 100% في جميع وضعيّات القيادة».
وشرح هادي أن المرحلة الخامسة تأتي أخيراً لتمتلك فيها المركبة كل القدرات، وتتمكن من القيادة بشكل ذاتي تحت كل الظروف والمتغيرات ومن دون أي تدخل بشري، حيث تنتفي الحاجة إلى أي تفاعل أو مراقبة من الإنسان.
وأضاف أن المركبة تعد في هذه المرحلة في مستوى الأتمتة الكاملة، التي لا يتدخل فيها الإنسان أبداً، بحيث يمكن للمركبة أن تتعامل بشكل جيد مع كل الطرق، مهما كانت نوعيتها، ومع الظروف الجوية السيئة أو أي عائق من العوائق الأخرى.
وأكد هادي أن الانتقال في تطوير المركبات الذكية من مرحلة إلى مرحلة يرتبط بتطوير واختبار مجموعة من التقنيات المتقدمة القادرة على جمع المعلومات والبيانات المطلوب تحليلها وحوسبتها من قبل المركبة نفسها، وكذلك بنوع وسرعة وكفاءة وسائل التواصل والاتصال التي تنقل المعلومات وتتيح الحوار بين أنظمة المركبة المختلفة وبين العناصر المكونة للبنية التحتية للطريق، قبل اتخاذ المركبة أي قرار خلال عملية القيادة.
ولفت إلى أن الأنظمة والتقنيات المتطورة، في المستوى الخامس، ستتضمن شبكات تغطية تكشف الظروف والأحوال المحيطة بالمركبة لمسافة تمتدّ إلى 1000 قدم، وبالتالي قبل أن تقترب المركبة من أي عائق، يكون قد كشف لها مسبقاً، سواء كان حادثاً أو إغلاقاً في الطريق بسبب مشكلات فنية، ما يتيح لها أن تتخذ الإجراء المناسب قبل الوصول إليه.
من جهته، أكد الخبير في أنظمة النقل، الدكتور أيمن الصمادي، لـ«الإمارات اليوم»، أن أحد أهم الأسباب وراء الاتجاه نحو تطوير تقنية التنقل بالمركبات المستقلة ذاتية القيادة يعود إلى أن «أكثر من 90% من حوادث السير ناتجة عن أخطاء بشرية في القيادة، وهو ما أدى إلى وقوع نسبة عالية جداً من الإصابات والوفيات».
وأشار إلى أن «المركبات الذكية محكومة بعملها وتنفيذ وظائفها لتقنيات وأدوات لا تتأثر بالأخطاء البشرية ولا تعتمد على الحالة الإدراكية أو الانفعالية للإنسان التي تؤدي في كثير من الأحيان إلى وقوع كوارث على الطريق».
وأضاف أن «الدراسات العالمية تشير إلى فوائد ضخمة لتبنّي استراتيجية التحول إلى التنقل الذكي، تشمل سلامة الطرق السريعة وانخفاض تكاليف مواقف المركبات، وانخفاض تكاليف التنقل، فضلاً عن الفوائد البيئية، وتحسين الإنتاجية، وتحسين نوعية الحياة وسعادة الإنسان».
وتابع أن تبنّي حلول التنقل ذاتي القيادة لا يعني تحول الطريقة التي نفهم ونستخدم فيها وسائل النقل فحسب، بل يمتد أيضاً إلى مختلف مجالات حياتنا الاقتصادية والاجتماعية.
عوائد اقتصادية
أكّدت هيئة الطرق والمواصلات في دبي أنه يتوقع أن تحقق استراتيجية دبي للتنقل الذكي ذاتي القيادة وفورات وعوائد اقتصادية سنوية كبيرة، تقدر بنحو 22 مليار درهم سنوياً.
كما يتوقع أن ترتقي بمستوى التنمية المستدامة، وتعزز الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والبيئية، وتسهم بدور رئيس في دعم جهود الإمارة للتحول إلى مدينة مستقبلية رائدة، تشكل نموذجاً يحتذى به عالمياً.
وقالت إن استراتيجية الإمارة في النقل والتنقل الذكي سترفع مستوى السلامة المرورية بحلول 2030 بنسبة 12%، وتخفض كلفة التنقل بنسبة 44%، لافتة إلى أن «الاستراتيجية تختلف عن استراتيجيات البلدان الأخرى، لأن حكومة دبي تقود عملية التحول نحو التنقل ذاتي القيادة، في حين أن الشركات الخاصة هي التي تقود هذا التحول في العديد من المدن الأخرى».
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news