الثقة المفرطة في غير محلها، تدفع البعض أحياناً، خصوصاً النساء، إلى إرسال صور أو مادة مرئية ذات خصوصية إلى طرف آخر، في أوقات الصفاء والمودة، دون توقع الغدر عند الخصام، واستخدام هذه الصور ضد صاحبتها بطريقة تؤذيها!
لا يكل ولا يمل خبراء التقنية والأخصائيون النفسيون والاجتماعيون من توجيه النصح بضرورة عدم إرسال أي محتوى شخصي، سواء كانت صوراً أو فيديوهات عبر تطبيقات الدردشة أو وسائل التواصل الاجتماعي إلى آخرين، بل إن من الأفضل عدم الاحتفاظ بها على الهاتف من الأساس، لذا لن أضيف جديداً إلى جانب التوعية.
وإنما أود التركيز على نقطة بالغة الأهمية، رصدتها في بعض القضايا، حين يكون رد فعل الضحية شجاعاً، وتقرر الإبلاغ عن الشخص الذي انتهك خصوصيتها، واستخدم صورها أو فيديو يخصها، دون رضاها، إذ يبرر هذا الطرف موقفه بأنها هي التي أرسلت إليه الصور أو الفيديو، معتقداً أنه سيفلت بذلك من العقاب!
وهذا اعتقاد خطأ، يعكس سوء نية، ونفساً مريضة، وتطرق إليه القانون الجديد رقم 34 لسنة 2021، في شأن مكافحة الشائعات والجرائم الإلكترونية، إذ منح الحماية الكاملة لخصوصية الإنسان، وجرّم الاعتداء عليها بأي صورة كانت، حتى لو بمجرد الاحتفاظ بصورة أو فيديو لشخص دون رضاه.
وتنص المادة 44 من القانون، على أنه يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر، والغرامة التي لا تقل عن 150 ألف درهم، ولا تزيد على 500 ألف درهم، أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من استخدم شبكة معلوماتية، أو نظاماً إلكترونياً، أو إحدى وسائل تقنية المعلومات، بقصد الاعتداء على خصوصية شخص أو حرمة الحياة الخاصة أو العائلية للأفراد من غير رضا، وفي غير الأحوال المصرح بها قانوناً.. وهكذا ربط المشرّع الإماراتي الاعتداء على الخصوصية، بعدم رضا المجني عليه، وهذا يدل بما لا يدع مجالاً للشك، على أن التذرع بالحصول على الصورة أو الفيديو من الضحية، لا يمكن أن يكون مسوغاً لهذه الجريمة، ما يعكس اهتمام المشرع بالأثر الإنساني والنفسي على الضحية.
وحددت المادة 44 صوراً للاعتداء، ربما الأكثر شيوعاً، منها التقاط صور الغير في أي مكان عام أو خاص، أو إعداد صور إلكترونية أو نقلها أو كشفها أو نسخها أو الاحتفاظ بها. وتشمل كذلك، نشر أخبار أو صور إلكترونية أو فوتوغرافية، أو مشاهد أو تعليقات أو بيانات أو معلومات، ولو كانت صحيحة وحقيقية بقصد الإضرار بالشخص، وشدد العقوبة إذا ثبت إجراء تعديل أو معالجة لتسجيل أو صورة أو مشهد بقصد التشهير أو الإساءة إلى شخص آخر.
يجب أن ندرك جميعاً أن ما لا يمكن أن ننشره على الملأ من صور أو فيديوهات يظل شخصياً، ويتحتم علينا حمايته، لكن حتى لو أخطأ أحدنا ووثق بالشخص غير المناسب، يجب أن يعلم أن هناك قانوناً يحميه.
محكم ومستشار قانوني
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news