أقرّت محكمة كندية سابقة قضائية بالغة الأهمية، حين حكمت لمصلحة جمعية تعاونية في نزاع قانوني، حول عقد أرسلته لمزارع عبر تطبيق «واتس أب»، ورد الأخير بالرمز التعبيري «إيموجي الإبهام» بما مفاده الموافقة.
القضية أثارت جدلاً عالمياً واسعاً حول اعتماد الرموز التعبيرية لغة مشتركة في التواصل والحديث، وما يترتب على ذلك من التزامات وواجبات.
النزاع بدأ بعد أن أرسلت الجمعية التعاونية العقد إلى المزارع عبر التطبيق، أثناء انتشار جائحة كورونا، وتقييد الحركة، بشأن شراء محصوله من الكتان، فرد بـ«إيموجي الإبهام المرفوع لأعلى»، الدال على الموافقة. الجمعية اعتبرت أن الإيموجي رد ضمني بالموافقة على العقد، فيما أكد المزارع أنه قصد التأكيد على تسلّم العقد، وليس الموافقة عليه، وبالتالي لم يسلّم المحصول إلى الجمعية. فرضت المحكمة على المزارع تعويضاً كبيراً 61 ألف دولار لمصلحة الجمعية، مسبّبة حكمها بأن الرموز التعبيرية أصبحت لغة لها مدلول، وهو أمر يتعين على النظام القضائي مواجهته للمضي قدماً. وقال القاضي إن هذه المحكمة لا ينبغي لها وقف موجة التكنولوجيا والاستخدام الشائع لتقنياتها، ويجب أن تكون المحاكم جاهزة لمواجهة هذه التحديات.
لا شك في أنه حكم مهم، ويدفعنا مجدداً إلى التفكير بشأن التبعات القانونية لاستخدام الرموز التعبيرية، خصوصاً في ظل شيوعها وتنوعها، واستحداث أشكال منها، ربما تقبلها مجتمعات وترفضها أخرى. ونظراً لأهمية انفتاح القضاء على وسائل التواصل الحديثة، أتفق مع الدعوة لاعتبار الرموز التعبيرية لغة مستحدثة يترتب عليها التزامات قانونية، مع وضع قيود أو اشتراطات واضحة مرتبطة بسياق الحديث، ووجود قرائن تدل على نيّة مرسل الإيموجي. وبالمناسبة، ومن واقع الحال، يتواصل كثير من رواد الأعمال والتجار والشركاء في دولة الإمارات عبر تطبيقات دردشة مثل «واتس أب»، ويستخدمون الرموز التعبيرية في تمرير معاملات بينهم. وفي ظل ما يميز الدولة من حداثة، وانفتاح النظام القضائي على أحدث التقنيات، فمن الوارد أن تصدر لدينا أحكام حداثية مماثلة.
وما سبق يعيدنا إلى وجه آخر للرموز التعبيرية، بعيداً عن الاستخدام التجاري، وهو سوء التفاهم الذي قد ينتج عن إرسال إيموجي «قلب حب» أو غمزة عين، أو قبلة، إذ ربما يعتبره المستقبل نوعاً من التحرش. ولقد أدرجت إحدى الدول الخليجية رموزاً تعبيرية، مثل القلب والقبلة، ضمن صور التجريم في قانون مكافحة التحرش، لكن لا يوجد نص مماثل في القوانين الإماراتية.. وأذكر في هذا الجانب أن موكلاً راجعني في إمكانية إقامة دعوى ضد شخص أرسل إليه «إيموجي» يعبر عن اللامبالاة أو الاستهتار دون مبرر!
وبغض النظر عن أنني نصحته بعدم المضي قدماً في الدعوى، إلا أن هذا يعكس كيف يمكن أن تتسبب تلك الرموز في جرح المشاعر، أو خدش الحياء، لذا يجب الحذر عند استخدامها، حتى لا تقودنا إلى ما لا يحمد عقباه.
*محكم ومستشار قانوني
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news