لم تشكل الإعاقة البصرية التي ولد بها التونسي يوسف بن داوود، عائقاً له في متابعة حياته وتحقيق أحلامه، فقد تمكن الطالب الذي يبلغ من العمر 10 سنوات من انتزاع النور من الكتب، ليحرز لقب بطولة تحدي القراءة العربي ضمن فئة أصحاب الهمم، متغلباً على أكثر من 22 ألف طالب وطالبة في الوطن العربي. وشكلت فئة أصحاب الهمم الإضافة الجديدة في الدورة السابعة من التحدي، وقد عكست حرص المبادرة على الاهتمام بهذه الفئة ومنحهم الفرصة لإثبات جدارتهم.
وعبر يوسف بن داوود عن فرحة الفوز باللقب، وقال لـ«الإمارات اليوم»: «أشعر بسعادة عارمة لفوزي ببطولة التحدي، لاسيما أنني كنت أتابعه في الدورات السابقة وكنت أطمح للمشاركة، لأنني مولع بالقراءة منذ صغري، لاسيما أنني اكتشفت أهمية القراءة وكيف تغذي العقول، وهذه ليست مجرد شعارات تُقال، بل هي حقيقة لامستها من خلال تجربتي الشخصية، فالقراءة قادرة على بناء العقل والوجدان والمشاعر وجعل الإنسان صحيحاً في العقل والعقيدة والإيمان والعلم».
ولفت يوسف إلى أنه تلقى الدعم بشكل مباشر من والدته، موضحاً أن والدته هي التي مكنته من تجاوز الصعوبات المتعلقة بإعاقته البصرية، وذلك بفضل القراءة والتعليم، مهدياً الفوز باللقب لوالدته ولبلده تونس. ووجه يوسف رسالة إلى أبناء جيله الذين لا يُدخلون القراءة ضمن جدولهم اليومي، قائلاَ: «لاشك بأننا نعيش وفرة في كل شيء، مما لا يترك مجالاَ لوجود وقت فراغ، لكن القراءة تستحق أن تفرغ لها الأوقات، وأن تنصب لها الدواوين في الذاكرة». أما طموحات يوسف، فهي كثيرة، واختصرها بالقول: «أول وأهم أمنياتي هو الفرح لقلب أمي وأن أرى الابتسامة على وجهها، وأطمح لأن أترك بصمتي في الإنسان ومن حوله». ولفت إلى أن أهم المصادر الأساسية للنجاح والسعادة هو أن يكون الإنسان راضياً عن ما هو عليه، فالاختلاف ليس عائقاً ولا عقبة بل إنه الحافز لإثبات الوجود والاختلاف.
وتحدثت والدة يوسف، عواطف بن داوود عن فوز ابنها ودعمها له، وقالت: «يحب يوسف المطالعة منذ صغره، ويطلب مساعدتي حين يعجز عن قراءة القصة بتمعن، فقد اعتدت على تقديم العون له وأدرّسه في البيت». وعبرت عن سعادتها بفوز يوسف بالتحدي لاسيما أن المشاركة في هذه المسابقة شكلت محطة انتقالية في حياة يوسف، إذ تبدلت شخصيته كثيراً بفضل القراءة، وكذلك معاملته مع الآخرين، وبات أكثر نضجاً.
ولفتت عواطف إلى أن يوسف ولد وهو يعاني من ضعف شديد في البصر، ولكنها رفضت أن تدخله مدرسة خاصة بالمكفوفين، إذ إن شقيقته تعاني من فقدان تام للبصر وواجهت الكثير من التحديات بسبب بُعد المدرسة عن المنزل. وأشارت إلى أنها ارتأت أن تصبح الأم والمدرّسة لابنها، إذ عملت جاهدة على أن تُبقي يوسف بقربها، وأصبحت تدرسه كل المواد التدريسية ومنها الرياضيات والعربية والفرنسية، بعد أن تأخذ محتوى هذه المواد التعليمية من المدرسة.
ووجهت عواطف رسالة إلى كل أسرة لديها طفل من فئة أصحاب الهمم، بألا يُشعروا الطفل بأن هناك ما ينقصه، فالطفل يمتلك القدرة على الاندماج في المجتمع والنجاح في رسالته، فالإعاقة الحقيقية هي الإعاقة الفكرية وليست الجسدية، وهذه الفئة تتميز بالذكاء والقدرات المميزة التي تمكنهم من الوصول إلى مراتب عليا في المجتمع.
• لم تشكل الإعاقة البصرية التي ولد بها يوسف بن داوود عائقاً له في متابعة حياته وتحقيق أحلامه.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news