تولي دولة الإمارات اهتماماً كبيراً بتفعيل دور الوقف في خدمة أهداف التنمية المستدامة، وتعزيز روافده سواء من خلال الأطر التشريعية، أو عبر إطلاق المشروعات والمبادرات التي تحافظ على مخصصات الوقف، وتُمكن أصحاب الأيادي البيضاء من المساهمة في تلبية احتياجات الفئات الأقل حظاً.
وتعد الإمارات من أبرز الدول التي أعادت للوقف روحه ومكانته وأهميته من خلال إصدار قوانين اتحادية ومحلية تنظمه وتدعمه، ومن أبرزها القانون الاتحادي رقم 5 لسنة 2018 بشأن الوقف، والذي يواكب أحدث التطورات التشريعية والمتغيرات العالمية، ويحول الوقف إلى أحد المرتكزات الاقتصادية والاجتماعية المساهمة في عملية التنمية وذلك لتوفير البيئة الملائمة والمحفزة لتطوير العمل الوقفي وتحويله إلى عمل تنموي يساهم في مجالات تعليمية وصحية وثقافية وبيئية وغيرها إضافة إلى تشجيع الأفكار والأساليب المبتكرة.
وبهدف العناية بالأوقاف والمحافظة عليها، تأسست في الإمارات مؤسسات وهيئات تتولى إدارة واستثمار أموال الأوقاف وإحياء سنة الوقف والدعوة له وتنميته، والتبصير بأهدافه وفق أساليب معاصرة تتوافق مع مقاصد الشريعة الإسلامية، مما يؤدي إلى تقوية الخير في نفوس أفراد المجتمع، وتجسيد مبادئ التكافل الاجتماعي، وفتح آفاق تنموية للعمل الخيري بما يعود بالنفع على الأفراد والمجتمع.
واستمرت جهود الدولة لترسيخ ثقافة الوقف في المجتمع، حيث تمت إضافة محتوى تعليمي لطلاب الصف العاشر للتعريف بالوقف وأهميته في تحقيق التنمية المستدامة، كما يعرف الطلاب بدور الوقف في الإمارات التي تعد الدولة الرائدة في مجالات العمل الخيري والإنساني.
وتعتبر الصناديق الوقفية من الآليات التي تسهم في دفع عجلة التنمية المستدامة، عن طريق طرح مشاريع تنموية تفي باحتياجات الفئات الأقل حظاً، وتعد حملة “وقف المليار وجبة” التي أطلقها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي “رعاه الله”، من أبرز المبادرات المبتكرة في مجال الوقف، حيث تدشن الحملة صندوقاً وقفياً لإطعام الطعام بشكل مستدام، لمكافحة الجوع في العديد من دول العالم.
ويجسد الصندوق الوقفي لإطعام الطعام مقولة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي “رعاه الله”: “نفتح أبواب الخير لأهل الخير ونطمح لأن نكون الشعب الأكثر وقفاً لخدمة الإنسانية”.
ويستهدف الصندوق الوقفي لإطعام الطعام، الذي يتزامن مع شهر رمضان الكريم، حشد أكبر جهد محلي وإقليمي ودولي لتوفير شبكة أمان غذائي للمجتمعات الأكثر احتياجاً، إلى جانب المساهمة في خلق آليات وتفعيل الخطط والبرامج لمكافحة الجوع والقضاء عليه في إطار مؤسسي مستدام.
كما يهدف الصندوق إلى إحياء سنة الوقف بمفهومها التنموي المستدام، والمساهمة في الجهود العالمية للقضاء التام على الجوع كأحد أهم أهداف التنمية المستدامة، إلى جانب بلورة حراك مجتمعي على أوسع نطاق يساهم في تحقيق مستهدفات الحملة في تقديم العون والغذاء لعشرات الملايين في العالم.
وتفتح حملة “وقف المليار وجبة” باباً جديداً من البذل والعطاء أمام المؤسسات والشركات ورجال الأعمال والشخصيات المشهود لها في العمل الإنساني والأفراد القادرين على المساهمة في الحملة، الأمر الذي يرسخ ثقافة الوقف في المجتمع الإماراتي باعتباره إرثاً ثقافياً عربياً راسخاً ورافداً إنسانياً وتنموياً حضارياً، يتم ادخاره لمستقبل الأجيال ويؤمّن لهم الاستدامة من خلال صناديق وقفية داعمة للخطط والمشاريع التنموية والمجتمعية المختلفة.
ويمثل الصندوق الوقفي لإطعام الطعام مبادرة نوعية تساهم في توسيع قاعدة العمل الخيري والإنساني ليشمل عدداً أكبر من الشرائح الأكثر احتياجاً، إلى جانب ترسيخ قيم التكاتف والتعاضد بمعناهما الأوسع والأشمل، حيث يتيح الصندوق للجميع من كل الخلفيات المساهمة في أعمال الخير الوقفية، ما يعزز استدامة الخير والعطاء، وتجسيد مبادئ التكافل الاجتماعي، وفتح آفاق تنموية للعمل الخيري بما يعود بالنفع على الأفراد والمجتمع.
وتنسجم حملة “وقف المليار وجبة” مع رؤية دولة الإمارات الهادفة إلى مأسسة العمل الخيري واستدامته، بما يعود بالخير على المجتمعات الأكثر احتياجاً حول العالم، كما تمثل الحملة نقلة نوعية في مجال العمل الخيري والإنساني على مستوى العالم، لاعتمادها مبدأ العمل الجماعي المنظم بهدف توحيد الجهود لتحقيق الأمن الغذائي للشرائح الأقل حظاً باعتباره مفتاح الاستقرار الاجتماعي في جميع البلدان.
ويفتح صندوق وقف الطعام الباب واسعاً أمام كل من يريد فعل الخير وكسب الأجر والثواب، حيث يمثل الوقف صدقة جارية، وقربة يتجدد ثوابها بمرور الأيام وتوالي الزمان، كما أنه من أحب الأعمال إلى الله تعالى، وعموم الآيات القرآنية تحث على الإنفاق والصدقة كقوله تعالى “لَن تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّىٰ تُنفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنفِقُوا مِن شَيْءٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ”، كما قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -“إذا مات ابن أدم انقطع عمله إلا من ثلاث:
صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له”، كما أن الوقف عمل جليل وطاعة عظيمة، ومما يزيدها أجراً وثواباً تزامنها مع شهر رمضان الكريم، الذي تكثر فيه أعمال البر والكرم والإحسان.
ويعد الوقف من أفضل أوجه الإنفاق التي اعتمدها ديننا الحنيف لتحقيق التكافل الاجتماعي والإنساني وتوفير مصادر تمويل دائمة للإنفاق منها على كافة وجهات الخير والشرائح الأكثر احتياجاً في المجتمع، كما يعتبر الوقف إلى جانب فريضة الزكاة والصدقات أحد الأنظمة الاقتصادية التي اعتمد عليها الإسلام لبناء مجتمع يكفل بعضه بعضاً ويعين القادرون فيه غير القادرين بوسائل كثيرة ومتنوعة تحفظ للإنسان كرامته بين الناس.
كما يعتبر نظام الوقف أحد الأسس المهمة للتنمية الشاملة بأبعادها المختلفة الاقتصادية والاجتماعية، حيث كان للوقف إسهامات كبيرة ودور مؤثر في تقدم وازدهار الحضارة الإسلامية.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news