نحن مقبلون على موسم التجارة بالمشاعر، وتلاعب المتسولين بعواطف الراغبين في التقرب إلى الله بالصدقات خلال شهر رمضان المبارك، وكم من قضايا سجلت لأشخاص ادعوا المرض والعجز لاستدرار عطف الناس، وتبين لاحقاً أنهم أصحاء البنية، وحققوا ثروات من خلال هذا الأسلوب الاحتيالي.
تبذل الدولة من خلال أجهزتها المعنية جهداً كبيراً في مكافحة التسول خلال الشهر الكريم، حرصاً منها على المظهر الحضاري، ولضمان وصول الصدقات إلى مستحقيها عبر الجمعيات الخيرية المعتمدة التي تدقق في كشوف المحتاجين وتختار الأولى منهم بالمساعدة.
الإشكالية في الوقت الراهن تتمثل في أن التسول مثل جميع مظاهر حياتنا صار تقنياً فضلاً عن شكله التقليدي، إذ يستغل محتالون وسائل التواصل الحديثة في تنظيم حملات ونشر روابط للتبرع تحت غطاء تقديم الدعم والمساندة لآخرين.
وحرص المشرع الإماراتي على مكافحة مثل هذه الظواهر والأساليب من خلال القانون رقم (3) لسنة 2021 بشأن تنظيم التبرعات حتى لا يستغل أحد ثقافة العطاء والعمل الخيري المتأصلة في المجتمع الإماراتي، وحفاظاً على أموال المتبرعين وضمان وصولها إلى مستحقيها.
ويحصر هذا القانون عملية جمع التبرعات في الجمعيات الخيرية في ظل ما تمتلكه من خبرات واسعة وإمكانية لتحقيق الهدف من أعمال الخير.
ويتعامل القانون بمرونة مع بعض الاستثناءات المجتمعية المهمة مراعاة للبعد الإنساني، مثل السماح بالتبرعات التي تتم بين أفراد الأسرة الواحدة أو حتى الحي الواحد، بشرط تحديد الشخص المستفيد، وأسباب استحقاقه للمساعدة، وعدم الإعلان عن ذلك عبر منصات التواصل الاجتماعي أو الإعلام أو إشراك أفراد خارج نطاق الأسرة والأقارب والجيران والأصدقاء.
وبالإضافة إلى قانون تنظيم التبرعات، يتناول قانون مكافحة الشائعات والجرائم الإلكترونية هذه الظاهرة من خلال المادة (46) التي تحظر جمع التبرعات دون ترخيص، وتصل عقوبتها إلى الحبس والغرامة التي تصل إلى 500 ألف درهم، أو بإحدى العقوبتين لكل من أنشأ أو أدار موقعاً إلكترونياً أو نشر معلومات أو روج لهذا الغرض.
وبشكل عام يجب أن نجتهد في اختيار الجهة التي نتبرع إليها بقدر حرصنا على بذل الصدقات حتى يتحقق الأجر من هذا العمل الإنساني العظيم.
*محكم ومستشار قانوني
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news