حذر أخصائيان نفسيان من كثافة الدروس الخصوصية التي تعطى لكثير من الطلبة خلال فترة الامتحانات، لافتين إلى أنها تربكهم، وتسبب لهم التوتر، ما يقلل من ثقتهم بأنفسهم، ويؤثر سلباً في تحصيلهم الدراسي.
وأكدا أن الطفل الذي يوضع تحت ضغوط مستمرة لإرغامه على الدراسة دون التفات إلى حاجته النفسية للعب أو المرح، قد يعاني مشكلات سلوكية وانفعالية مستقبلاً.
وفي المقابل، قال ذوو طلبة إنهم يضطرون إلى إلحاق أبنائهم بأكثر من درس خصوصي خلال فترة الامتحانات، بسبب اكتشافهم تراجعاً في مستوياتهم الدراسية.
وعزوا ذلك إلى ظروف معينة، مثل انشغالهم عنهم، أو نتيجة التعليم عن بعد خلال فترة جائحة كورونا، مشيرين إلى أن المراحل الأساسية تتطلب التمكن في مهارات القراءة والكتابة.
وتفصيلاً، شرحت فاطمة عبدالله، وهي ولية أمر طالبة في المرحلة التأسيسية، أن ابنتها واجهت صعوبة في إتقان مهارة الكتابة والقراءة، بسبب تلقيها أولى مراحلها التعليمية بنظام التعليم «عن بُعد»، الأمر الذي دعاها لإلحاقها بدروس خصوصية مكثفة في اللغة العربية والمواد العلمية.
وقالت إنها ترى طلبة في منازل معلمي الدروس الخصوصية في الزي المدرسي، مشيرة إلى عدم توافر الوقت لديهم لتبديل ثيابهم داخل منازل ذويهم.
وأكدت أنها لاحظت على ابنتها الضجر والغضب من كثرة الدروس الخصوصية، إلا أنها تجد نفسها مضطرة إلى ذلك، لأنها لا تستطيع التساهل مع مستواها الدراسي الحالي.
وأفاد محمد الزعابي، وهو أب لأربعة طلبة في مدرسة خاصة بالفجيرة، بأن «ما يجعلنا نلحق أبناءنا بأكثر من درس خصوصي خلال اليوم الدراسي، هو الرغبة في رؤيتهم متفوقين، قادرين على إنجاز المهام المطلوبة منهم دون عناء، ما يصب في تحصيلهم الدراسي».
واعتبر أن نظام التعليم عن بعد، الذي تلقاه أبناؤه خلال العامين الماضيين، أضعف جانباً من مهاراتهم الدراسية، خاصة القراءة والكتابة، فيما لم يبذل بعض المعلمين الجهد اللازم لتقويتهم في هذا المجال.
من جانبه، قال الأخصائي النفسي، حسن عيسى، إن «ذوي الطلبة الذين يحرصون على إلحاق أبنائهم بأكثر من درس خصوصي قبل فترة الاختبارات النهائية، لمساعدتهم على تحصيل أعلى الدرجات، لا يعون أن المشكلة الحقيقية موجودة لديهم هم أنفسهم، وليس لدى أبنائهم، لأنهم لم يبادروا بوضع خطط دراسية تمكن أبناءهم من تجاوز الصعوبات التي تواجههم خلال الفصل الدراسي، بل تركوها إلى اللحظات الأخيرة، أي إلى فترة الامتحانات، ثم بدؤوا بوضع الحلول ومسابقة الوقت لعلاجها».
وأكد أن كثافة المعلومات التي يتلقاها الطالب خلال فترة ما قبل الاختبارات، لا تمكنه من ترسيخها في عقله بالشكل الصحيح، وقد تكون نتائجها خسارة مالية للأب، وقلقاً وإرهاقاً للطالب.
ولم يستبعد حدوث مشكلات انفعالية وسلوكية مستقبلاً، لدى الطلبة، تتمثل في التمرد على أقرانه والعنف والعدوانية، ما يجعله فريسة سهلة لرفقاء السوء الذين سيجدون له طرقاً غير سوية لتفريغ ما يتراكم في أعماقه من الضغط النفسي.
وشرح أن الطلبة في المراحل التعليمية الأولى يستجيبون لمطالب ذويهم خلال الدراسة، بدافع الخوف منهم، الأمر الذي يتسبب في إرهاقهم، على الرغم من أن دافع ذويهم هو حبهم لهم، ورغبتهم في رفع مستوياتهم التحصيلية.
وبدورها، حذرت الأخصائية النفسية، هلا وليد السعيد، من تجاهل حاجة الطالب للراحة البدنية والنفسية بعد انتهاء اليوم الدراسي، نظراً لكثافة ما يتلقاه من معلومات ومفاهيم علمية، إضافة إلى الوقت الطويل الذي يقضيه في الفصل الدراسي.
وأكدت أن الإرهاق النفسي والبدني، الذي تسببه الدروس الخصوصية المكثفة للطالب بعد انتهاء اليوم الدراسي الطويل، ينذر بمخاطر صحية كثيرة.
وطالبت الآباء بتعزيز نقاط القوة لدى أبنائهم، والعمل بشكل مدروس على خطة واضحة لتحسين نقاط ضعفهم.
وتابعت السعيد أن كثرة الدروس الخصوصية تربك الطالب، وتوتره، وتقلل ثقته بنفسه، داعية إلى تفهم قدراته، ومراعاة الفروق الفردية بين طالب وآخر، وما ينتج عنها من اختلاف في مستوياتهم الدراسية.
وقالت إن الطفل يحتاج إلى وقت كافٍ يقضيه في اللعب والمرح، حتى يجدد طاقته ليوم دراسي آخر.
سلبيات نفسية
تترتب سلبيات نفسية عدة على كثافة الدروس الخصوصية خلال
فترة ما قبل الاختبارات، منها:
■ تنمية روح الاتكالية لدى الطالب.
■ عدم قدرته على الاعتماد على ذاته في المدرسة.
■ الخلل في تنظيم وقته.
■ عدم إعطاء أهمية لشرح المعلم في المدرسة.
ولتلافي هذه السلبيات، يجب على ذوي الطلبة توفير الهدوء النفسي في المنزل، ونشر الطمأنينة، وتعليم أبنائهم كيفية تنظيم أوقاتهم، بحيث يمارسون بعض هواياتهم وأنشطتهم إلى جانب الدراسة والمتابعة الذاتية.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news