قدّم مجموعة من الخبراء والمختصين الذين شاركوا في «الاجتماع العربي للقيادات الشابة» المنعقد ضمن أعمال «القمة العالمية للحكومات» سلسلة تجارب نوعية، جمعت بين علوم الفضاء وصناعة المحتوى الرقمي المؤثر وتنمية السلوك الإنساني وفنون الإدارة والحوار وبحوث تعليم اللغة العربية، وسلطت الضوء على قدرات الشباب وإمكاناتهم والفرص التي يمكنهم صناعتها إذا ما توفر لهم الدعم اللازم والموارد.
وتفصيلاً، عرض مساعد وزير الخارجية لشؤون العلوم والتكنولوجيا المتقدمة بدولة الإمارات، الدكتور عمران شرف، تجربة «مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ» (مسبار الأمل)، الذي حمل العرب إلى المريخ، وأثبت أن الشباب العربي قادر على إثراء المعرفة والمساهمة في المجتمع العلمي العالمي.
وقال شرف: «في نهاية عام 2013 التقى معنا صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، طالباً أن نبدأ مشروعاً يبعث الأمل في الشباب العربي في منطقة كانت عبر العصور والحضارات مهداً للعلوم والبحوث».
وأضاف: «في صيف 2014 أعلنت دولة الإمارات أنها سترسل مسباراً إلى كوكب المريخ. وكانت أمامنا فقط ست سنوات لإطلاق المهمة الفضائية التي تحتاج عادة من 10 إلى 12 عاماً. والجميع قال إن الأمر مستحيل، لكننا خرجنا بنهج إماراتي عربي مبتكر استفاد من تجارب الآخرين من خلال فريق من 200 إماراتي. ولم نبدأ من الصفر، بل من حيث انتهى الآخرون، وتعاونا مع المجتمع العلمي العالمي. وقد نجحنا ووصلنا بالعرب لأول مرة في تاريخنا إلى المريخ».
وأكد الأثر المضاعف والمتوسع للمبادرات الجريئة التي لا تعترف بالمستحيل، قائلاً: «بفعل مشروع مسبار الأمل لاستكشاف المريخ والنجاح الذي حققه، تم لاحقاً إنشاء مجلس علماء الإمارات، ثم إنشاء قطاع متخصص في وزارة الخارجية لشؤون العلوم والتكنولوجيا المتقدمة».
من جهتها، نوّهت مدير مركز زاي لبحوث تعليم اللغة العربية، الدكتورة هنادا طه، بكون الاجتماع العربي للقيادات الشابة يركّز هذا العام على الهوية واللغة العربية. وفي جلستها بعنوان «ثنائية اللغة والشباب»، قالت: «السؤال يجب أن يكون: ماذا تستطيع اللغة العربية أن تقدم للشباب؟»
وشرحت أن «هنالك توقعات بأن يتراجع عدد السكان في عدد من مناطق العالم، لكن بالمقابل قد يزيد عدد سكان المنطقة العربية إلى ثلاثة أرباع مليار إنسان خلال عقود، وهذا سيكون حدثاً وازناً في السردية العربية، ويمنحنا المزيد من الفرص لتحقيق أحلامنا». وتابعت: «عرفنا من استبيان مركز الشباب العربي أن 72% من الشباب العربي يريدون أن يؤسسوا مشاريع خاصة بهم. وأن 60% من الشعب العربي دون سن الـ30 سنة، وهو ما يعني أن هناك فرصاً هائلة للشباب، ومن يفكر في مشاريع في المحتوى العربي مثلاً».
وأكدت طه: «مهم أن نقف متجذرين في مكان ما، وأن نقول: نحن من هنا، من هذه الأرض، كعرب. وسنفوز بأن نحوّل اللغة العربية إلى فرص ومشاريع وسلطة».
وقال الكاتب والباحث المتخصص في الإدارة الرئيس التنفيذي لـ«الروافد الاستشارية» الدكتور محمد النغيمش، إن ثقافتنا العربية تحوي أشياء جميلة بسيطة قد لا ننتبه إليها، كالمجلس الدائري، أو الطاولة المستديرة، وهو تعبير يمنح الجميع قيمة متساوية.
وتساءل: «ألم يحن الوقت لإعادة تأهيل من يتولون أمر الشباب ليستطيعوا استكشاف المواهب والمبتكرين والمبدعين ومحبي العلوم؟ يجب أن يكون عندنا نظام للبحث عن الكفاءات، كالكشّاف الذي يبحث عن المواهب الرياضية».
واستشهد النغيمش بشدة انضباط نجيب محفوظ الذي كان يكتب ثلاث ساعات فقط في اليوم لا أكثر ولا أقل، مبيناً أن «مثل هذا الروتين الممنهج هو ما يصبح عادة إيجابية تحقق الإنجازات».
وختم النغيمش جلسته بعنوان «نحن والآخر» باقتراح إطلاق مبادرة من الاجتماع العربي للقيادات الشابة بعنوان «بنك أفكار الشباب».
من جانبه، عرض الإعلامي أحمد غندور، لكيفية تطوير المحتوى لتعزيز الصورة، معدداً المكوّنات والتقنيات المطلوبة لإعداد المحتوى الرقمي المؤثر الذي يصل ويشرك الشباب.
وقال غندور، المعروف لدى جمهور عربي عريض، بـ«الدّحيح»، إن «عظمة نظرية النسبية هي أنها جامعة، لكنها غامضة بالنسبة للناس. لذلك فإن الحقائق تحتاج إلى حكاية تقرّبها إلى الناس».
وأضاف: «لو لم نمتلك سرديتنا سيحاول غيرنا التحدث بدلاً عنا، فليس كافياً أن تمتلك الحقيقة، بل أنت بحاجة إلى شرحها».
وقدّم المؤثر والمتخصص في السلوك البشري، الدكتور خالد غطاس، تصوراً لقيمة السرد القصصي في تشكيل الهوية والسمعة للشباب العربي في عالم سريع التغيّر.
وأوضح أن سردية الشباب العربي يجب أن تروي قصته هو، وأن استيراد أي سردية لا يمكن أن يعيش. ونحن بحاجة إلى بحث إنساني دقيق لإنتاج سرد متفرد ينبع من مجتمعنا.
وبيّن غطاس أن الانقطاع في السرد يقتله، وأن الهوية مثل المعرفة شيء يتراكم. وأضاف: «لا يمكن لأي سردية أن تنجح دون عاطفة. ويجب أن يكون الشباب هو ناقل السرد نفسه».
الدكتورة هنادا طه:
«من المهم أن نقف متجذرين في المكان.. وأن نقول نحن من هنا من هذه الأرض كعرب».
الدكتور خالد غطاس:
«لا يمكن لأي سردية أن تنجح دون عاطفة. ويجب أن يكون الشباب هو ناقل السرد نفسه».
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news