أعلنت منصات تعليمية توفير دروس خصوصية يقدمها معلم افتراضي يدار بالذكاء الاصطناعي، ليصبح منافساً جديداً للمعلمين «التقليديين» في سوق الدروس الخصوصية، تزامناً مع انطلاق العام الدراسي الجديد 2024-2025.
وأطلقت كل منصة رقمية اسماً خاصاً على معلمها الذكي، ودعت الطلبة إلى التسجيل والتجربة المجانية وأن يقولوا وداعاً للمفهوم التقليدي للتعليم، فيما توقع تربويون وأخصائيون اجتماعيون ألا تحظى منصات الدروس الخصوصية التي تدار عبر «معلم الذكاء الاصطناعي» بإقبال الطلبة، حيث لايزال مفهوم الدروس الخصوصية مرتبطاً بوجود طالب ومعلم يتحاوران وجهاً لوجه، سواء بالشكل التقليدي أو من خلال أحد برامج الاجتماعات (الدروس أون لاين).
بدورها، قالت منصات تعليمية إنها ستجري تحليلاً شاملاً لـ«معلم الذكاء الاصطناعي» باستخدام خوارزميات الذكاء الاصطناعي المتطورة لأسلوب التعلم، ونقاط الضعف والقوة لدى الطالب، لتطوير خطة تعليمية فردية تلبي تطلعاته ومتطلباته المحددة، حيث سيتم تقديم إرشادات وتعليقات وحلول لاستفسارات الطالب، ما يؤدي إلى تكرار وظيفة المرشد البشري. وإضافة إلى ذلك يمكن للطالب الوصول إلى معلمه الذكي (24/7) في أي وقت، والحصول على المساعدة في اللحظة التي يحتاجه فيها.
وروّجت منصات التعليم «عبر إعلانات ممولة على شبكة الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي» لخدماتها عبر تأكيد أنه يمكن للطلبة الحصول على مزايا عديدة، من خلال الاستفادة من خدمة معلم الذكاء الاصطناعي، ويشمل ذلك تلقي التوجيه والمساعدة المصممة خصيصاً لهم، وتحسين أدائهم الأكاديمي، وتعزيز ثقتهم بأنفسهم، وزراعة أنماط دراسة فعالة في تكوينهم الفكري، خصوصاً مع إمكانية الوصول إلى معلم الذكاء الاصطناعي على مدار الساعة، ومن أي مكان في العالم، ما يتيح للمتعلمين ترتيب الجلسات في الوقت الذي يناسبهم. ونظراً لتوظيف تقنية الذكاء الاصطناعي، يمكن اكتشاف أي نقاط ضعف على الفور في فهم الطالب، وتقديم توصيات محددة لمعالجة أوجه هذا القصور.
وأطلقت كل منصة اسماً خاصاً على معلم الذكاء الاصطناعي، ودعت الطلبة إلى التسجيل والتجربة المجانية، وأن يقولوا وداعاً للمفهوم القديم للتعليم، والبدء مع معلمهم الذكي رفيق الدراسة النهائي للطلبة من جميع الأعمار والخلفيات، واصفة إياه بـ«الرفيق المثالي لأي شخص يريد التعلم بأسلوبه الشخصي»، مؤكدة أن الطالب سواء كان يفهم بشكل أفضل مع العناصر المرئية، مثل الرسوم البيانية، أو إذا كانت مهاراته الدراسية أكثر عملية باستخدام الخوارزميات الأنيقة، فإن المعلم الذكي يخصص جلسات التدريس الخاصة به، بحيث يحقق أقصى استفادة من كل جلسة.
أدوار مختلفة
وأوضح مسؤول إحدى المنصات التي تواصلت معها «الإمارات اليوم»، أن معلم الذكاء الاصطناعي يتمتع بميزات متطورة تشبه الإنسان، وبقدرات على إدراك المشاعر، ما يعزز بيئة تعليمية مشوقة للطلبة، ويقوم ببراعة بأداء أدوار مختلفة من مدرّس خصوصي، وقائد مجموعات صغيرة، وزميل للمتعلمين، مشيراً إلى أن التجارب أثبتت كفاءته الكبيرة في تدريس العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات (STEM)، إضافة إلى نقل المعرفة بشكل سهل ومبسط وبأكثر من طريقة، حسب احتياجات المتلقي في مجالات العلوم الإنسانية، بما في ذلك تعلم اللغات. وإضافة إلى ذلك، يمكن أن توفّر قدراته – في أتمتة مهام مختلفة – للطلبة طريقة جديدة تماماً للتعامل مع عملية التعلم.
وأكد المسؤول وجود إشراف ومتابعة للمنصة ولعملية سير الحصص الدراسية، حيث تدار الحصة بالذكاء الإلكتروني، وفي حال احتاج الطالب إلى دعم يمكنه الضغط على علامة طلب مساعدة ليتواصل معه أحد معلمي المادة التابعين للمنصة، لافتاً إلى أن المنصة تجعل التعليم أسهل وأكثر فاعلية، وتأخذ تعليم الطالب إلى مستوى جديد من الابتكار باستخدام الذكاء الاصطناعي، وتقدّم له تجارب تعليمية مخصصة تلبي احتياجاته، وتعزز نتائج التعلم ومشاركة الطلبة بنسبة 85%، مع الدروس المدعومة بالذكاء الاصطناعي، إضافة إلى تمكين المعلمين باستخدام أحدث التقنيات.
ترويج
وفي المقابل روجت منصات التعليم التقليدية لخدماتها التعليمية وتوفير معلمين من جميع الجنسيات لجميع المناهج في الدولة، وطرحت باقات جديدة للدروس الخصوصية أطلقت عليها «باقة المتابعة المدرسية»، يتم من خلالها متابعة حساب الطالب على منصة المدرسة ومراجعة ما تم شرحه في الصف، ومساعدته في حل الواجبات يومياً.
وأكدت منصات الدروس الخصوصية عن بُعد، تقديمها خدمة المتابعة المدرسية المتكاملة لضمان النجاح والتفوق الدراسي للطلاب، وتشمل الخدمات متابعة يومية ومراقبة تقدّم الطالب كل يوم، وحل الواجبات والمساعدة في إنجاز المهام بكفاءة، مع ضمان الاعتناء بمهام كل طالب بدقة، وتقوية الضعف عبر التركيز على نقاط الضعف وتحويلها إلى نقاط قوة، والمراجعة قبل الامتحانات، وتجهيز الطالب بشكل كامل قبل كل امتحان، إضافة إلى الاستفادة من خبرات معلميها لتحسين الأداء الأكاديمي للطلبة، وتحقيق النجاح المستمر.
وطرحت منصة للتعليم عن بُعد باقة دروس خصوصية مخفضة لجميع الصفوف في جميع المناهج التعليمية، وتضم الباقة عرضين الأول 8 حصص مدة الحصة 30 دقيقة بـ75 درهماً شهرياً، وباقة 12 حصة، مدة الحصة 45 دقيقة بـ145 درهماً شهرياً، مع وجود خصومات للإخوة، مشيرة إلى أنها تقدّم برامج تعليمية متكاملة لجميع المراحل الدراسية، عبر منصة تعليمية حديثة ومرنة، تضم معلمين ومعلمات خبراء ومتخصصين في جميع المواد الدراسية، ومحتوى تفاعلياً محدّثاً ودروساً مصممة لتواكب أحدث أساليب التعليم، مع مرونة في التوقيت، وإمكانية الوصول إلى الدروس في أي وقت ومن أي مكان، ودعم فني مستمر.
كما رصدت «الإمارات اليوم» زيادة أعداد إعلانات الدروس الخصوصية على مواقع التواصل الاجتماعي، ومجموعات الأمهات على «فيس بوك» و«واتس أب»، وقيام بعض الأمهات بالترويج لمعلمين بالاسم وتأكيد جدارتهم.
وأفاد ذوو طلبة بتلقيهم رسائل من معلمين مستعدين لإعطاء دروس خصوصية لطلبة المدارس في جميع الصفوف. واتبع معلمون تقليديون أساليب جديدة للترويج لأنفسهم على وسائل التواصل الاجتماعي، منها تقديم جائزة شهرية لأفضل طالب في مجموعة الدرس الخصوصي، وخصم 50% لكل طالب يكوّن مجموعة درس خصوصي تضم خمسة طلبة، وخصم 20% لأي طالب يرشح زميل له.
تعاون مشترك
وأكد تربويون واختصاصيون اجتماعيون: كرم قابيل، ويوسف سرور، وبشار صفوت، ومنال أحمد، وفاطمة خالد، أن مواجهة ظاهرة الدروس الخصوصية ليست مسؤولية فردية، بل تتطلب تعاوناً مشتركاً بين الأسرة والمجتمع والمؤسسات التعليمية، عبر تعزيز النظام التعليمي الرسمي وتوعية أولياء الأمور بأهمية دعم أبنائهم في دراستهم، إضافة إلى توفير الدعم اللازم للطلاب الذين يحتاجون إليه، مشيرين إلى أن اللجوء إلى الدروس الخصوصية رغم كل الجهود المبذولة للقضاء عليها، يعكس تحولات في النظام التعليمي والضغوط التي يواجهها الطلبة وأولياء الأمور.
وأرجعوا لجوء العديد من الأسر للدروس الخصوصية إلى عدد من الأسباب، منها ضعف التحصيل الدراسي، والضغوط الأكاديمية المتزايدة، والرغبة في التميز، ما يتطلب توفير بيئة تعليمية في جميع المدارس الحكومية والخاصة تشجع على التفاعل والمشاركة، وتقدم برامج تعليمية متنوعة تلبي احتياجات جميع الطلاب، وتعزز التواصل والتفاعل بين المدرسين وأولياء الأمور، لمتابعة تقدّم الطلاب ومعرفة نقاط الضعف التي قد تحتاج إلى دعم إضافي، خصوصاً أن ظاهرة الدروس الخصوصية لها العديد من المخاطر، أبرزها ارتفاع التكاليف المالية على الأسر، وإضعاف دور المدرسة، وتشجيع الطلبة على الاتكالية.
وأشاروا إلى أنه مع استمرار تطور الذكاء الاصطناعي، من المرجح أن يلعب «المعلم الذكي» دوراً مهماً في التعليم، لاسيما في الدروس الخصوصية، ما يساعد على إنشاء نظام تعليمي أكثر فاعلية وكفاءة، إلا أن الذكاء الاصطناعي لن يحل محل المعلمين والأساتذة فهو مساعد لا مستبدل، يمكنه دعم المعلمين بتحليلات متقدمة تساعدهم على تطوير طرقهم بنسبة أكبر، كما أن الطالب حتى الآن يحتاج إلى تفاعل ومناقشة يصعب تحقيقها من خلال الذكاء الاصطناعي، حيث يقتصر استخدامه حالياً على تعزيز خبرات التدريس والتعلم فقط. وتوقعوا ألا تحظى منصات الدروس الخصوصية التي تدار عبر «معلم الذكاء الاصطناعي» بإقبال الطلبة، حيث لايزال مفهوم الدروس الخصوصية مرتبطاً بوجود طالب ومعلم يتحاوران وجهاً لوجه، سواء بالشكل التقليدي أو من خلال أحد برامج الاجتماعات (الدروس أون لاين).
تصريح
وحددت وزارة الموارد البشرية والتوطين ثلاثة شروط رئيسة للحصول على «تصريح عمل التدريس الخصوصي»، مؤكدة أنه يمكن لكل الموظفين في القطاع الحكومي أو الخاص، والمدرسين في المدارس الحكومية أو الخاصة وغير العاملين، وطلبة الجامعات وطلبة المدارس من الأحداث من عمر 15 إلى 18 سنة، الحصول على تصريح عمل التدريس الخصوصي متى استوفوا شروط إصداره.
وأوضحت الوزارة أن شروط الحصول على التصريح تستلزم موافقة صاحب العمل إذا كان طالب التصريح يعمل موظفاً في أي من قطاعات العمل في الدولة، ويُستثنى من ذلك حاملو تصريح العمل الجزئي، وينبغي تقديم شهادة حسن سيرة وسلوك، وشهادة لياقة صحية في حال كان مقدم الطلب لا يعمل، مشيرة إلى أن التصريح يمتد لسنتين، ويجوز تجديده بشرط استمرار توافر شروط إصداره، وعلى كل من يرغب في ممارسة التدريس الخصوصي بشكل قانوني الحصول على تصريح من وزارة الموارد البشرية والتوطين، وتوقيع ميثاق ممارسة المهنة المعتمد من وزارة التربية والتعليم، علماً بأنه سيتم اتخاذ الإجراءات القانونية تجاه كل من يمارس هذه المهنة بشكل غير قانوني.
• «الموارد البشرية والتوطين»: 3 شروط رئيسة للحصول على «تصريح عمل التدريس الخصوصي».
• تربويون وأخصائيون اجتماعيون: لا نتوقع أن يحظى «معلم الذكاء الاصطناعي» بإقبال كبير، لأن مفهوم الدروس الخصوصية مرتبط بطالب ومعلم يتحاوران وجهاً لوجه.
المعلّم الافتراضي «AI Tutor»
عقدت وزارة التربية والتعليم شراكة استراتيجية مع شركة «إيه إس آي»، لإنشاء منصة المعلم الافتراضي (AI Tutor)، في إطار التزام الوزارة بتطوير النظام التعليمي في الدولة ليواكب احتياجات المستقبل، ولتضمين الذكاء الاصطناعي في المنظومة التعليمية، إذ تتبع الوزارة نهجاً استباقياً لاستشراف التطورات ومواكبة أحدث التقنيات في القطاع التعليمي، وتوظيفها بما يسهم في تطوير العملية التعليمية.
وبموجب الشراكة سيتم إنشاء منصة موحّدة تجمع بين مساعد المعلّم المدعوم بالذكاء الاصطناعي، وقدرات وزارة التربية والتعليم، وستكون أكثر قدرة على تمكين ملايين الطلاب، فهذه الشراكة ستساعد على إثراء تجربة التعلم المصممة لتتناسب مع احتياجات التعلم الفريدة لكل طالب. وستقوم الوزارة بتقديم الدعم والتعاون اللازمين لتنفيذ البرنامج التجريبي لمنصة المعلم الافتراضي بنجاح، وتسهيل الوصول إلى المحتوى التعليمي ذي الصلة، وإرشادات المناهج الدراسية والبيانات المطلوبة لمواءمة منصة المعلم الافتراضي مع المنهاج الدراسي في الدولة.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news